بين المفهوم والاستنارة

بين المفهوم والاستنارة

عرض متفرد بقاعة الزمالك للفن
ناثان دوس
«بين المفهوم والاستنارة».. معرض جديد للنحات ناثان دوس، يسعى من خلاله إلى التنوير وإضاءة مساحات مظلمة فى العقل الجمعى، فيقدم فيه «بورتريه» لنموذجين من الشخصيات التنويرية، هما عميد الأدب العربى طه حسين والفيلسوفة السكندرية هيباتيا، كما يبعث برسالة تقدير لوالدته السيدة عنايات، التى يصفها بأنها «المتلقى الأول لأعماله وداعمه الأول».
المعرض يبعث برسالة أمل للمتلقى، ويأخذه فى رحلة عبر المنحوتات بأفكار متنوعة وحالات متشابكة، فلكل تمثال حكاية ورسالة، يجمعها كلها فى معرضه الذى سينطلق فى جاليرى الزمالك، الأربعاء المقبل. ويوضح ناثان دوس، فى حديثه لـ«أيقونة»، أن التنوير يعنى أن يتخلص الإنسان من الوصاية التى جلبها لنفسه، وتكسير «التابوهات» المستقرة فى أذهانه، وهو ما برز فى كل أعماله، ومنها اثنان من البورتريهات، يصفهما بأنهما عصب فى فكرته، وهما لطه حسين وهيباتيا، فيقول: «طه حسين قيمة أدبية وفكرية، فبعد عودته من فرنسا، وحصوله على الدكتوراة هناك، وتأليف كتابه فى الشعر الجاهلى، عانى من الاضطهاد، ففصل من جامعة القاهرة وطُلب منه مراجعة الكتاب بسبب قيمة الشك الديكارتى التى سادت أفكاره».
أما هيباتيا، فيشير إلى أنها كانت فيلسوفة سكندرية فى القرن الرابع الميلادى، وخشيت الكنيسة منها بسبب أن والى الإسكندرية آنذاك كان أحد تلاميذها، فاتهموها بالسحر والشعوذة وسحلوها فى شوارع الإسكندرية وسلخوا جلدها بالقواقع وأحرقوها وأعدموها وألقوا برمادها فى البحر، مضيفا: «ما أعنيه بهذين النموذجين أن الجهل والتخلف يمكنه قتل قامات فكرية مثلهما». وبالرخام الأبيض قدم بورتريه والدته، فيقول: «إذا كان فى بذرة فن فأؤمن بأن والدتى هى من غرستها، فهى المتلقى الأول لأعمالى، وفى طفولتى هى من شكلت ألعابى، وبفطرية شديدة، فهى سيدة بسيطة لم تذهب إلى المدرسة، فكانت سيدة منزل فى مجتمع زراعى، وبعد دراستى الأكاديمية أمجد أمى، أسوة بالأمراء والقياصرة فى الحضارة الرومانية واليونانية، فكانت المعلم الأول والمستقبل الأول لأعمالى». ويقدم «دوس» فى معرضه مقابلة بين «الراعى والفلاح»، لينتصر للتاريخ والجغرافيا المصرية، فيوضح: «المصرى القديم هو من بذر القمح وبنى مسلات وأهرامات ومقابر وعمارية وعقيدة وفنون، فكل ما أنتجه المصرى القديم من حضارة ثابت». ويوضح أن «الرحايا» عمل يجسد مرأة منحوتة تمسك بيدها مفتاح الحياة وكأنها تساهم فى الطحن، ويشير إلى فكرة أن الحياة تشبه الطاحونة فى تغير هيئة الأشخاص من أطفال لمراهقين لشباب وكهول: «هذا التغيير يعنى أيضًا أن تتغير هيئة الأشخاص من خلال المعرفة والمعركة فى البحث مع الحياة».